بعد سقوط ياسر الحمبولى بالأقصر هل انتهت أسطورة خُط الصعيد ؟

بعد سقوط الحمبولى بالأقصر

هل انتهت أسطورة خُط الصعيد ومن هم الذين حملوا اللقب قبله ؟

عام كامل .. إثنا عشر شهراً بالتمام والكمال عاشها أبناء الصعيد قاطبة ً وأهل الأقصر وقنا على وجه الخصوص فى حالة من الفزع والرعب الذى خيم على الجميع منذ تمكن فى مثل هذا التوقيت من العام الماضى ( خُط الصعيد ) ياسر عبدالقادر أحمد إبراهيم الشهير ياسر الحمبولى ـ 37 عاماً ـ ابن قرية الزينية التابعة لمركز طيبة بالأقصر من الهرب من سجن قنا العمومى أثناء الإنفلاتة الأمنية التى عاشتها البلاد ونسج خيوطها أذناب النظام السابق ، فاجعة أهل الصعيد من هروب الحمبولى لم تأت من فراغ فسيرته ومسيرته فى عالم الإجرام أصبحت ملء السمع والبصر فضلاً عن الهالة الإعلامية التى نسجها الحمبولى حول نفسه وجعل من شخصه أسطورة يتحاكى بها الجميع ، الحمبولى قتل وروع الكثير ، سرق وسلب ونهب الكثيروالكثير ، حمل بين جنباته قلباً قاسياً ميتاً نُزعت منه الرحمة ، ضغطة زناد سلاحه الآلى وانطلاق عياره النارى صوب ضحيته أيسر عنده من دفقة الزفير التى تنطلق من صدره ، عندما علم أنه مطلوب أمنياً حياً أو ميتا ً وأن حبل المشنقة يراود رقبته إن آجلاً أو عاجلاً لاتهامه فى العديد من قضايا القتل والترويع قررتقمص شخصية ( شمشون ) بهدم المعبد عليه وعلى أعداءه الذين هم الجهات الأمنية من وجهة نظره فبعث إليهم برسالات تهديد مستمرة بل وهاتفهم تليفونياً بعلمه أنه مفقود لامحالة وعليه فمن من يقترب من حصنه لن يذق طعم الحياة .. القوى التى ستصطدم معه لن تعد ظافرة بنصر بقدر ماستعود خاسرة أرواحها ، فهو ينام تحسباً بعين مغمضة والأخرى مفتوحة وأن لديه أعوان يخبرونه بكل تحركات الشرطة قبل شن أى حملة أمنية ضده وأنه قبل سقوطه سيحصد فى طريقه العشرات من الأبرياء فضلا ً عن التلويح بين الحين والآخر بتوجيه ضربة إرهابية للسياحة فى مدينة الأقصر ، نعم لقد تحدى الحمبولى الجهات الأمنية بكل سلطانها ، وبث معاونوه صوره عبر الكثير من مواقع الإنترنت وهو متكئ على بساط وسط الزراعات ممسكاً بسلاح آلى متقدم وحوله حزم مبعثرة من الأموال فئة المائة جنيه والمئات من الذخيرة الإحتياطية لسلاحه الآلى ، لم يكن الحمبولى هو الرجل الأول فى التشكيل العصابى الذى يقوده إنما جاء خلفاً لزوج شقيقته هاشم العزب الذى تم القبض عليه فى مطاردة أمنية عقب اتهامه بمقتل رئيس مباحث القصير بالبحر الأحمر وتضم عصابة الحمبولي جناحين الأول يضم أربعة أشخاص هم منتصر اللاكز وأحمد حمزة محمد ومحمد الصافي ، أما الجناح الآخر فهم بعض الهاربين معه فى أول ايام الثورة من سجن قنا العمومي أثناء الإنفلاتة الأمنية ، وهناك الكثير من الروايات التى جعلت من الحمبولى بطل أسطورى وتلك الروايات التى نُسجت حول الحمبولى شبهته تارة بالمجرم القاتل قاطع الطريق الضليع فى الإجرام وتارة شبهته بلص بغداد الظريف الذى كان يسلب الأغنياء ليمُن على الفقراء ومن أطرف الروايات التى حيكت حوله أنه سلب ذات يوم سيارة نقل محملة بالأحذية وقام يوم العيد ببيع الأحذية غالية الثمن للفقراء بسعر عشرين جنيه فقط للحذاء وأنه يبيع للفقراء زجاجة الزيت بثلاثة جنيهات وكيلو السكر بجنيه واحد، وكان يحول دون تعرض مساكن أهل قريته الزينية للسرقة، ولخطورته الأمنية تم اعتقاله في وادي النطرون لمدة 38 شهرا ، و بعد خروجه اتهم فى حيازة و إتجارمخدرات وحصل على قرار من النيابة بالإفراج عنه لعدم ثبوت التهمة المقدم بشأنها بعدها بيوم واحد صدر قرار جديد باعتقاله لمدة 18 شهرًا.

تعرض الحمبولى لمطاردة الشرطة أكثر من مرة تمكن فى آخرها من الهرب رغم إصابته فى كتفه والتى نفاها فى اتصال هاتفى بأحد الصحف وهو يتخذ من الأماكن الوعرةوالصحراوية المتاخمة للبر الغربي بالأقصر ومزارع القصب والأماكن المأهولة بالسكان مخبأ له ، حتى نجح اللواء أحمد صقر مدير أمن الأقصر ورجاله بعد أشهر من البحث والتحري في القبض على الحمبولي دون إطلاق رصاصة واحدة وتم ضبط حوالي 20 عنصر خطر من أتباعه بمنطقة الأقصر وأرمنت.

ضلع الحمبولى وعصابته فى ارتكاب العديد من الجرائم القتل والسلب والنهب وقطع الطريق التى تجاوزت الخمسين عملية إجرامية بحسب إحصائية وزارة الداخلية من بينها الضلوع وزوج شقيقته هاشم العزب الذى تم القبض عليه فى مقتل رئيس مباحث القصير هشام الحسيني الذى طارده وعصابته عقب إقتحامهم محطة وقود فى وضح النهار والإستيلاء على خزينتها بالإكراه، كما تم اتهامه باقتحام محطة بنزين بالكرنك وقتل عاملين بها واقتحام نقطة تفتيش والاستيلاء على الأسلحة الميري من أفراد الشرطة والسطو على مخازن شركتي المقاولون العرب ومختار إبراهيم بعد قيامه بمعاونة التشكيل العصابى بتوثيق خفراء الشركتين أكثر من مرة لسرقة الكابلات النحاسية، فضلاً تورط عصابته فى مقتل شابين من مركز أرمنت هما محمد أحمد سيد أبو الوفا (25 سنة – محاسب) ومعه محمد أحمد يحيى (26 سنة- مندوب مبيعات) شقيق عمرو يحيى المذيع بالقناة الثامنة والمعلق الرياضى بقناة مودرن كورة أثناء مروهما بالطريق الغربى أحدهما حيث كان الشابان يستقلان سيارة ملاكى سوداء اللون وكانا في طريقهما للعودة إلى منزلهما في مدينة أرمنت الحيط بالأقصرعندما اعترضهما أحمد محمد حمزة مسجل خطر والذراع اليمنى لياسر الحمبولي ومعه أفرادعصابته المسلحين حيث أطلقوا وابل من الأعيرة النارية على سيارة الشابين لظن أفراد العصابة أنها تابعة للأجهزة الأمنية لزجاجها الفاميه ولونها الأسود ،والكثير من جرائم السلب والنهب آخرها قيامه باحتجاز المنطاد السياحى ألاسكا التابع لسائحين للمقايضة والمساومة مع الأمن للإفراج عن عدد من أتباعه من بينهم ابنه وكان بفعله هذا وراء استبعاد مدير أمن الأقصر السابق اللواء حسن محمد حسن ونقله إلى أسوان في عملية تبادلية مع مدير أمنها الجديد بعد أن تسبب الحمبولى في حرج بالغ للأمن بخطفه المنطاد السياحى رداً على القبض على أحد أبنائه وتهديده بأنه في المرة القادمة سيخطف منطادا بمن فيه من السائحين مما اضطر الشرطة للإفراج عن نجله .

ومن جانبه صرح وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم عقب القبض على الحمبولى أن المباحث الجنائية والأمن العام والمركزي نجحوا في اقتحام المنزل الذى كان يختبأ به الحمبولى بناحية الكرنك وتم التعامل معه وضبطه هو وزميله عبده غريب الذي كان يؤويه ومازال هناك اثنين هاربين جاري ضبطهم، ومنوها إلى أن هناك ردود أفعال إيجابية جداً بين أهالي الأقصر بعد القبض على الحمبولي وأن الآلاف من أهالي الأقصر تجمهروا أمام مديرية أمن الأقصر لتحية الأمن،
وأبدى وزير الداخلية سعادته بالقبض على خط الصعيد، وخاصة أن العملية تمت دون خسائر، وأنه كان يتوقع وقوع خسائر في القوات نظراً لخطورة المهمة التى كللت بالنجاح دون خسائر أو إصابات سواء بين المواطنين أو القوات,الأمر الذى يعتبر من أهم الضربات الأمنية الهادفة والمدروسة والإيجابية التي نفذتها الأجهزة الأمنية في الفترة الأخيرة مشيرا إلى أن الحمبولى وصل قبيل القبض عليه إلى مرحلة من الغرور والفجور الإجرامي خاصة بعد القبض على نجله وكان يرسل تهديدات الأجهزة الأمن مؤكدا عدم قدرتها على ضبطه .

وتحت شعار " جعلونى مجرماً " وجه ياسر الحمبولى فى تسجيلات صوتية إتهاماً مباشرأ للأجهزة الأمنية أنها هى التى صنعت أسطورته ولفقت له ولأعوانه العديد من القضايا منها مقتل رئيس مباحث القصير حيث أكد ياسر الحمبولي براءته من دم رئيس المباحث ، وأنه فى هذا التوقيت كان محتجزاً بمستشفى الأقصر العام لإصابته بكسر في اليدين و القفص الصدري لتعرضه لحادث موتوسيكل، ولم يعترف الحمبولى فى مجمل الجرائم الموجهة له سوى بخطف البالون السياحى للضغط على الجهات الأمنية بالإفراج عن إبنه الذى تعرض للصعق الكهربائى من قبل الشرطة للإرشاد عن مخبأ والده ، أما باقى الجرائم الموجهة له فهى على حد قوله بالتسجيل الصوتى فهى لإرغامه أن يكون مرشداً للأمن لكنه رفض .

وعن صدام الشرطة مع أحمد هاشم ذراعه اليمنى ومقتله على يد الأجهزة الأمنية بقرية الحبيل أعلن الحمبولى فى تسجيل صوتى له أن أحمد هاشم الذى أدعت الأجهزة الأمنية مقاومته لها وقتله لظنهم أننى متواجد معه فى الشقة عاجز ولدى أسرته تقرير طبى قامت بتوزيعه صادر عن الهيئة العامة للتأمين يفيد بأن أحمد هاشم يعانى من خشونة شديدة بالساق اليمنى وتيبس بمفصل الفخذ اليمنى وضمور جزئى بعضلات الفخذ اليمنى أى أنه لديه إعاقة تمنعه من الحركة بسهولة فكيف له أن يقاوم الشرطة وهو شبه عاجز وأكد الحمبولى أن أحمد هاشم كان يقوم بتجهيز مسكن لزوجة الحمبولى الثانية بمنطقة الحبيل وظن الأمن أن الحمبولى مختبأ بمنزل الزوجيه الجديد فداهمته وقتلت أحمد هاشم تحت زعم مقاومته الأجهزة الأمنية .

ولعل أشهر من حملوا لقب خُط الصعيد من قبل هو محمد منصورالمولود بقرية درنكة بأسيوط وهو من أكثرالذين حملوا لقب خُط الصعيد دموية، حيث بدأ ارتكاب أولى جرائمه عام 1914 وظل مطارداً من أجهزة الأمن طوال 34 عاماً حتي لقي مصرعه في مطاردة بمحافظة اسيوط عام 1940 بعد ارتكابه حوالي 34 جريمة قتل ، يليه إجراما ً خط الصعيد سعد اسكندر مواليد أسيوط أيضاً والشهير بسفاح كرموز الذى جاء من أسيوط بالصعيد للأسكندرية للبحث عن لقمة عيش بعدها تحول إلى سفاح وظل لمدة خمس سنوات يمارس نشاطه الإجرامى فى محافظة الأسكندرية واشتهر بقتل العديد من النساء حتى تم القبض عليه وتم إعدامه فى فبراير 1953ليظهر بعده خُط جديد عُرف باسم خط ديروط واتهم بارتكاب نحو عشرة جرائم قتل على خلفية خصومات ثأرية وتم ضبطه وتقديمه للمحاكمة لينال جزاءه بالإعدام شنقاً مثل سابقيه ليظهر على الساحة باسيوط عزت حنفى الذى روع المواطنين والجهات الأمنية لعدة سنوات حتى تم القبض عليه وإعدامه أيضاً .. واللافت للإنتباه أن أول الأربعة السابقين الذين كانوا أول من حمل لقب خُط الصعيد ينتمون لمحافظة أسيوط حتى ظهر فى قنا من حمل اللقب (خُط الصعيد ) وهو الشاطر على الذى ازهق العديد من الأرواح رغم نحافة جسده حتى قتل على يد ابن عمه وحارسه الشخصى لتنطوى صفحة أرقت الأمن لسنوات طوال تخللها الكثير والكثير من الرويات الإجرامية ، أعقبه نوفل سعيد خُط الصعيد الشهير بنجع حمادى الذى كان ذات يوم الذراع اليمنى للأجهزة الأمنية فى القبض على الكثير من العناصر المتشددة وكان له صولات وجولات مع الشرطة حتى لقى مصرعه على أيديهم منذ فترة قريبة بعد أن تم الإستغناء عن خدماته ولم يتراجع عن نشاطه الإجرامى ، وكان آخر من حمل لقب خُط الصعيد وربما لن يكون الأخير هو ياسر الحمبولى الذى سقط قريباً فى قبضة الأجهزة الأمنية بالأقصر ليظل لقب خُط الصعيد شاغراً لحين ظهور خُط جديد .

كتب : عبدالحكيم القاضى

» القبض على "خط الصعيد" ياسر الحمبولى
» نهاية أسطورة حمام الكموني
» الحمبولي ...« خُط الصعيد».. آخر اللصوص الاشتراكيين!
» حرب القبائل تهدد بانفصال الصعيد
» انتخابات الصعيد‏..‏ القبيلة قبل الوطن