ضياءأبونحول مـشـرف
عدد المساهمات : 1613 تاريخ التسجيل : 24/04/2011 الموقع : (إن مرت الأيام ولم تروني, فهذه مشاركاتي فتذكروني وإن غبت ولم تجدوني, اكون وقتها بحاجه للدعاء فادعولى.)
| موضوع: الغول فى برلمان مصر الثورة الأحد نوفمبر 13, 2011 7:53 am | |
| قبل أن يذهب تفكيركم بعيدا أو أن يعتقد البعض أنني أتحدث عن الغول بوصفه أحد المستحيلات الكثيرة في ثقافتنا العربية والتي تتمدد يوما بعد آخر حتى صار المستحيل قاعدة والممكن استثناء، فإن المقصود هنا هو عبد الرحيم الغول النائب التاريخي فيما كان يسمى مجلس الشعب المصري في عهد مبارك وما قبله .ووصف الرجل بالنائب التاريخي دقيق من زاوية التأبيد في عضوية البرلمان وهي صفة كان لصيقة بكل ما يحيط بنظام مبارك الذي سعى لابقاء كل شيء في مكانه وصار تأبيد المناصب في مختلف المواقع سمة أساسية لهذا النظام البليد. هذا الرجل الصعيدي الغول وهو أحد رموز الحزب الوطني المنحل التي افسدت الحياة السياسية والاجتماعية في مصر كلها على مدى ثلاثين عاما، قرر التقدم بأوراقه للترشح لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة معلنا ثقته بالفوز بمقعده الذي احتله بحكم ثقافة القبيلة والعصبيات العائلية في الصعيد لسنوات طويلة. ليس الغول وحده من فلول النظام البائد من قرر أن يخرج لسانه للثورة و ليقول للمصريين إن شيئا لم يتغير وأن عليهم أن الا يتوقعوا أو يأملوا في أن ثورتهم الرائعة التي جرت 25 يناير ستغير وجه الوطن السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلى الأبد، وعليكم ايها الواهمون أن تتعايشوا مع وجود هولاء الفلول تحت قبة البرلمان القادم الذي يفترض انه برلمان الثورة. ومن هنا لم يكن مفاجئا ولا صادما أن يتصدر أعضاء الحزب المنحل الذين قامت الثورة ضده، قائمة المتقدمين للترشح في الانتخابات في اليوم الاول لفتح باب الترشيح، بل إن الصدمة كانت ستقع لو أن احدا من هؤلاء لم يتقدم للترشح .. لماذا؟ لانه ببساطة وبعد مرور كل هذه الشهور منذ قيام الثورة وسقوط مبارك، فان شيئا لم يتغير، بل العكس تماما كل الشواهد والمؤشرات تقول إن اعادة إنتاج النظام السابق بكل بلادته وبؤسه وفساده صار خيارا استراتيجيا للقائمين على الحكم الآن في مصر. وتحت ذريعة الحفاظ على الدولة المصرية من الإنهيار تم الابقاء على كل مكونات نظام مبارك بعد أن تمت التضحية برأسه. هل سيفوز الغول وأمثاله في الانتخابات القادمة؟ الاجابة هي بالتأكيد نعم، والأسباب في هذا الصدد كثيرة وغفيرة.فإذا كانت المقدمات الخاطئة تقود إلى نتائج مماثلة كما يقول المنطق الارسطي البسيط، فان هذه المقدمات الخاطئة في المرحلة الانتقالية التي تشهدها مصر مابعد الثورة تقود بكل تأكيد ليس لأخطاء وإنما لكوراث سياسية تفرغ الثورة من مضمونها كله. ولن يكون فوز رموز النظام السابق الذين افسدوا الحرث والنسل بعضوية برلمان الثورة سوى إحدى هذه الكوارث بكل تأكيد، فالطريقة التي تتم بها إدارة المرحلة الانتقالية من قبل المجلس العسكري وإداته التنفيذية المسماة بالحكومة، لاتقود إلا إلى هذه النتائج والتي من شأنها ليس فقط أجهاض الثورة وافراغها من كل مضامينها وأهدافها وإنما تطرح سؤالا حول ما اذا كان هناك أمل في مستقبل افضل لهذا الوطن وأهله الذين عاشوا ثلاثين عاما خارج حسابات الحكم. فالمجلس العسكري الذي تسلم إدارة البلاد بعد سقوط مبارك وتعهد بأن يكون حاميا للثورة وامينا على أهدافها ومطالبها، لم يلتزم بدور الراعي والحامي للثورة ومسارها بل تحول مع مرور الوقت إلى من يدير ويحدد مسار هذه الثورة بالطريقة التي يراها صحيحة بغض النظر عن رأي الشارع السياسي، وهذا ما أوصلنا إلى هذه المفارقة المحزنة التي نشهدها الآن والتي تتصدر فيها بقايا الحزب الوطني المنحل صدارة المشهد الإنتخابي لمصر الثورة. ربما كان مقبولا وصف ما جرى في بداية المرحلة الانتقالية بالعشوائية أو قلة الخبرة السياسية عندما إختار القائمون على الحكم بعد الثورة طريقا مخالفا تماما لما سارت عليه التجارب الثورية المماثلة، لكن إستمرار القرارات الخاطئة والمرتبكة في إدارة ملفات هذه المرحلة بالغة الأهمية في عمر الثورة يجعل الشكوك في نوايا القائمين على إدارة هذه المرحلة ومدى إخلاصهم للثورة واستكمال مسيرتها، شكوكا مشروعة، وإلا كيف نفسر أن أهم القرارات الخاصة بادارة العملية السياسية إتخذت بشكل منفرد من قبل المجلس العسكري وجاءت على عكس رغبة كل القوى السياسية والثورية وفي مقدمتها قانون الإنتخابات والذي ظل المجلس يساوم هذه القوى على مدى شهور ضاعت في الاخذ والرد إلى أن وصلنا للصياغة النهائية بان تجرى الانتخابات على اساس ثلثي اعضاء البرلمان بالقائمة النسبية والثلث الاخر بنظام الفردي. وحين وصلت القوى السياسية لهذه الصيغة مع المجلس العسكري بعد معركة عبثية طويلة، كانت هذه القوى قد إنهكت إرادتها، فلم تصمد كثيرا ولم تتشبث بمطلبها الاخر الذي لا يقل اهمية عن نظام الانتخابات وهو قانون العزل السياسي الذي كان يفترض ان يصدر منذ بداية الثورة لعزل كل من افسدوا الحياة السياسية ودمروها على مدى ثلاثين عاما من قيادات ورموز النظام السابق. لكن المجلس العسكري كالعادة ومعه الحكومة الحالية ظل يماطل ويسوف حتى وجدنا انفسنا على ابواب الانتخابات دون ان يصدر هذا القانون. وحتى عندما بدا أن المجلس العسكري وحكومته استجابا أخيرا لمطالب الشارع والقوى السياسية والثورية باصدار قانون العزل السياسي، فان ما تسرب عن ملامح هذه القانون، الذي لايزال مشروعا رغم أن اياما قليلة تفصلنا عن الإنتخابات، يوضح بجلاء أنه لن يحقق الهدف المنشود، فهو يضع شروطا وخطوات عجيبة وبالغة الغرابة تجعلنا نقول لكل من يخشى على نفسه من العزل السياسي من فلول النظام السابق/ ابشر بطول سلامة يا مربع /. فعلى قاعدة أن على المتضرر اللجوء اللقضاء، يقضى القانون المقترح بأن يقدم من يتهم احدا ما بافساد الحياة السياسية، ما لديه من ادلة ومعلومات إلى النيابة العامة للتحقيق، فاذا رأت أن ثمة جدية في هذه الاتهامات أحالت الامر لمحكمة الجنايات التي تنظر القضية على مدى جلسات طويلة ومريحة ثم تصدر حكمها الذي قد يكون بالبراءة او الادانة وفي حال الادانة يلجأ المتهم للطعن في الحكم، في خطوة تستغرق خمس سنوات على اقل تقدير يكون فيها النائب المتهم قد أمضى فترته النيابية متمتعا بالحصانة والوجاهة وشارك في صياغة الدستور الجديد لمصر الثورة. وفي هذه الحالة لا يعود مستساغا القول بأن على المتضرر اللجوء للقضاء، بل عليه أن يضرب رأسه في أقرب حائط عجبا لما يجري في بر مصر وألما لما آلت اليه ثورتها. وهكذا يفتح الباب واسعا أمام فلول وقيادات الحزب الوطني للتقدم لخوض الانتخابات بكل اطمئنان وثقة ليس فقط في المنافسة وإنما في الفوز، فهم الذين يملكون المال الذي نهبوه وسرقوه من دم المصريين على مدى عقود في ظل عصابة مبارك وابنائه، وهم الذين يملكون خبرة طويلة في تزوير الانتخابات وهم الذين يملكون جيشا جرارا من البلطجية الذين تحالفوا مع أجهزة الأمن للتلاعب بإرادة المصريين، وإلى جانب ذلك كله لدى بعضهم علاقاته العائلية والقبلية خصوصا في محافظات الصعيد وبعض مناطق الوجه البحري. فهل نلوم هؤلاء المفسدين على رغبتهم في العودة مرة اخرى للجلوس تحت قبة البرلمان والمشاركة في تحديد مستقبل هذا الوطن الذي دمروه وصحّروه ونهبوا خيراته؟ أم أن اللوم يقع على من سمح لهم بذلك ومن ماطل ورفض إصدار قانون يجردهم من حقوقهم السياسية لفترة من الزمن لعلهم يتطهرون، و حتى يفسح المجال لهذا الوطن ان يتنفس هواء سياسيا نقيا لأول مرة بعد عقود.. نلوم هولاء القائمين على الحكم الذين يسعون، إما عمدا أو عن جهل، لاجهاض حلم المصريين جميعا في اقامة نظام سياسي يليق بهذا البلد وقامته التاريخية والحضارية. ربما لا يكون الغول هو أكثر قيادات الحزب الوطني المنحل فسادا أو إفسادا للحياة السياسية في مصر، لكن المحزن حقا هو أن يبقى وأمثاله من فلول النظام السابق حاضرين في المشهد السياسي لمصر الثورة. بيد أنه إذا كان كل شيء في مصر هذه الأيام يدعو للدهشة والاستغراب، فإن عليكم أيها ا السادة ان تتصورا معي دون أن تستغربوا أو تندهشوا الغول المحترم وأمثاله من قيادات الحزب المنحل وهم جالسين تحت قبة البرلمان القادم يناقشون مستقبل مصر ويشاركون في وضع دستورها الجديد. وحتى تكتمل دائرة الدهشة فانه ومن الناحية النظرية ووفقا للطريقة التي تدار بها الامور في مصر الآن، يحق للرئيس المخلوع أن يترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة فالرجل ووفقا لمبدأ إعلاء سيادة القانون، والذي ترتكب باسمه الكثير من الجرائم حاليا، لم يدن حتى الآن قضائيا في الجرائم المنسوبة اليه ولم يثبت أنه افسد الحياة السياسية فأي جريمة تلك التي ترتكب جهارا نهارا بحق هذا الشعب وثورته العظيمة؟
شحاتة عوض ...كاتب مصرى كتب الموضوع بتاريخ21/10/2011
| |
|