500ألف قطعة سلاح في قنا....الإنتخاب علي خطوط النار

إمتلاك قطعة سلاح أحد أكثر معايير القوة والنفوذ في صعيد مصر، بل ويكاد يكون جزءا من الإكسسوار الإجتماعي المعبر عن غياب تاريخي للسلطة وحضور العادات، فهو بالنسبة للغني والفقير بمحافظة قنا جنوب مصر أداة لضبط الحيز المجتمعي، به يؤخذ الثأر وعلي صلصة طلقاته تحسم الإنتخابات، يزداد الأمر إرباكا مع الغياب الأمني وإنفتاح الحدود أمام تهريبه،
فكيف سيؤثر ذلك في سير العملية الإنتخابية علما بأن تجارته وحيازته إرتبطت بفساد النظام السابق، الآن غابت قوة النظام الباطشة المنظمة له فكيف سيكون المشهد بعد أسابيع؟
حتي عام مضي، أي في إنتخابات 2010 لعب السلاح دوره في العملية الإنتخابية، به أرهب المرشحون خصومهم، منعوا منافسين عن الوصول للجان الإقتراع، وتحت تهديداته عطلت عملية إعلان النتائج لحين إعادة الفرز، ناهيك عن قتلي موسميين، هذه الحقائق لايراد الإعتراف بها في القاموس الأمني، والذي رفضت قياداته الرد علي أسئلة مراسل"مصر تنتخب" فيما يخص الإحصاءات الرسمية للظاهرة.

مصدر السلاح في الصعيد كما يعلم القاصي والداني هو التهريب عبر الحدود السودانية، مناطق جبلية وعرة خارج سلطة الدولة، ويغمض البوليس المحلي أعينه عن سطوة السلاح في المشهد الإجتماعي بإعتباره فلكلورا محليا، هكذا يجمع النشطاء المسيسون في محافظة قنا علي تفسير صمت السلطات عن "سلاح الصعيد"، ولايظهر الأمن الذي يعرف شاردة وواردة أي قطعة سلاح إلا في حالة الإخلال بالإتفاق الضمني الغير معلن عنه، وهو بقاء الصعيد بعيدا عن مطالبات التنمية مقابل الحفاظ علي توازناته القبلية المرتبطة بالسلطة والمحفوظة بقوة السلاح.

ليبيا والسودان وخطوط التهريب

المشهد لايختلف كثيرا بعد الثورة، فقد أشهر بعض مرشحي الأحزاب الجديدة السلاح خلال جولاتهم الإنتخابية، بما يؤكد أن الصدام المسلح قادم لامحالة مع فلول النظام السابق الذين أحتكروا لحد كبير هذه الظاهرة، وبعد أعلن الأخيرون تحت زخات المدافع الرشاشة أنهم قادرون علي إحراق البلد جميعها حال تطبيق قانون العزل السياسي ضدهم.

نحو 50 ألف قطعة سلاح دخلت إلي قنا بعد الثورة، هكذا يكشف ناشط رفض ذكر أسمه أثر الثورة، خاصة من ليبيا التي شهدت فوضي مسلحة طويلة، ولعبت قبائل رعوية كالرشايدة والعوازم والعبابدة التي تمتد داخل الحدود السودانية دورا في رفع كمية التهريب، ويضيف الناشط زيدان حسين مؤسس حركة"الألف" أن الجميع يعرف سيرقوافل التهريب عبر منطقة شلاتين الحدودية، عبر ممرات جبلية تؤمنها قبائل الرشايدة، ثم تتولي قبائل العبابدة نقلها لنحو 12 كيلو داخل الأراضي المصرية، الأمر لايتوقف عند السلاح بل أيضا المهاجرين الأفارقة المتجهين إلي سيناء، والزبائن معروفون، بدو سيناء وقبائل الصعيد، المشكلة أن تلك الكمية الكبيرة المضافة لسوق جائع للسلاح في لحظة إنفلات أمني غير مسبوق، ستؤثر إجمالا علي العملية الإنتخابية، السلاح صار يباع علي المقاهي والأرصفة، والتجار يشترون منه مايصلح لتكوين ميليشيا صغيرة منوعة التسليح لحماية مصالحهم الإقتصادية وتأمين طرق التجارة.

تسعيرة السلاح بعد الثورة

في قرية السمطا، إحدي أكثر القري الشهيرة بتجارة السلاح في الصعيد ألتقينا رسلان السمطي، لإستطلاع قائمة تسعير السلاح فقال رسلان:" يتصدر الرشاش قائمة الأكثر مبيعا بسعر يصل إلي 60 ألف جنيه، يليه البندقية الأمريكية وتصل إلي 24 ألف جنيه، أما الطبنجة الألمانية 9 مللي فقد تضاعف سعرها عشر مرات لتصل إلي 83 ألف جنيه، فيما يدور الآلي الروسي حول 28 ألف جنيه، يليه الآلي العراقي والصيني بفاصل ألاف قليلة (16 ألف جنيه، ثم الطبنجة الأسباني 11 ألف جنيه، بينما الفرد الصناعة المحلية فقد وصل إلي 4 الاف جنيه، وفي نهاية القائمة جاء مسدس الصوت بسعر بين 2200 و2700 جنيه".

القري المحيطة بالسمطا وصلت إلي مايمكن تسميته بتوازن الرعب، فوفقا لرسلان تمتنع قري المرجية وفا قبلي وأبو مناع عن أستعمال سلاحها الكثيف في الإنتخابات، وتعتمد إستراتيجية الإستعراض عن بعد، تقفيل الدوائر عن بعد ومنع وصول الخصوم إلي مراكز الإقتراع.

أستراتيجية الأمن....السلاح مقابل السياسة

وفيما عدا هذه القري، يري أحمد عبد الرحمن عمر مقرر لجنة الحريات بنقابة المحامين الفرعية بقنا أن قري قنا تعد هادئة، فالسلاح في بيوتها إما لحماية الزراعات الجبلية البعيدة عن العمران، أو نتاج لوجود ثأر بين بعض العائلات، والأمن يعرف عبر مرشديه وخبريه كل قطعة سلاح من أين أتت ومن باعها ومن تلقي السمسرة، ويتسامح عن إستعراضه في مناسبات العرس أو الإنتخابات.

ويضيف أحمد: هناك صعوبة إجرائية تواجه الأمن، فطبوغرافيا الصعيد معقدة، بين جبال وزراعات للقصب، ويحتاج الأمن إلي طائرات، لكنه أيضا يغض الطرف كجزء من الفساد، فبعد كل جريمة تتدخل المجاملات والمحسوبية، ويطلب الأمن من العائلات المتصادمة تسليم بعض قطع السلاح وكأنه يقوم بعمله، فيضطر هؤلاء احيانا لشراء السلاح كي يسلموه للشرطة، أنه التواطؤ العام علي المشكلة، عيشوا بسلاحكم دون صداع، لكن في حال أنفلت الأمر عليكم تسليمه، دون النظر أصلا في شرعية إستخدام العنف خارج القانون وسلطة الدولة.

ويكمل أحمد شرح الأمر قائلا: ظهر السلاح بعد الثورة في قري لم يعرف عنها ذلك، وتتواتر أسماء تجاره وتجار الذخائر في الحياة العامة لأهالي المحافظة، والحجة لدي الجميع أننا الآن ندافع عن أنفسنا في غياب الأمن، وكأن حضور الأمن كان فاعلا أصلا في ضبط الأمر.

مبادرة حزبية لإنقاذ الناخبين من 500ألف قطعة سلاح

لم تقف الأحزاب خالية الوفاض أمام تهديدات السلاح في قنا، خاصة الأحزاب الإسلامية التي ستواجه منفردة فلول الحزب الوطني من زعماء القبائل، لذا أعلن حزب الوسط عن تفعيل مبادرة شعبية لحماية الناخبين والقضاة والشرطة من أسلحة المرشحين خلال الإنتخابات، ويقول د. عثمان عبد القادر المشرف علي المبادرة:" نسعي لعمل ميثاق شرف بين ممثلي الأحزابن يكون مفاده تنحية السلاح عن الخلافات السياسية ، خاصة وأن أغلب المرشحين المستقلين أو المنضمين للأحزاب الجديدة أستملوا السلاح لترهيب الناس خلال الحملة الإنتخابية ، خاصة في دائرتي دشنا وقنا الرئيسية، مشيرا إلي ضرورة دعم المجتمع المدني للمباردة للوصول إلي عملية إنتخابية دون دماء".

ويضيف "عثمان": تشير المؤشرات الإحصائية لوجود نحو 500ألف قطعة سلاح في قنا، ومعظمها لدي المرشحين وعائلاتهم، أو بيدي بلطجية معرفون يعملون كمرتزقة، ودون تلك المبادرة وتفعيلها ستكون المعركة الإنتخابية ساحة قتال حرفيا
تم التصوير وكتابة الموضوع:بمعرفة الاستاذ/محمود دسوقى

» مصر تحتج .. وإسرائيل تستخدم سلاح الكرياتين فى حرب الجواسيس !
» دشنا: إعادة تسيير حركة قطارات الصعيد بعد 4 ساعات بسبب تبادل إطلاق النار بقنا
» فرشوط:ضبط سلاح نارى وأسلحة بيضاء داخل سيارة نقل على "الصحراوى الغربى" بفرشوط
» دشنا:توقف حركة القطارات بدشنا للمرة الثانية لتبادل إطلاق النار بين عائلتين
» أبوتريكة يخرج عن صمته ويفتح النار فى حوار مثير مع (الشروق): نعم.. رفضت مقابلة المشير