ضياءأبونحول
مـشـرف
عدد المساهمات : 1613
تاريخ التسجيل : 24/04/2011
الموقع : (إن مرت الأيام ولم تروني, فهذه مشاركاتي فتذكروني وإن غبت ولم تجدوني, اكون وقتها بحاجه للدعاء فادعولى.)
 |  موضوع: خمس ثورات وانتفاضات صنعت تاريخه : ميدان التحرير قبلة الثوار المصريين على مر الزمن  الأربعاء أكتوبر 05, 2011 8:50 am | |
| ارتبط ميدان التحرير بالعديد من الأحداث السياسية الكبيرة ذات الصلة بمصير البلاد, وكان أهم هذه الأحداث انتفاضة الطلاب عام 1935, انتفاضية فبراير عام 1946, ومليونية عام 1951, وانتفاضة الخبز 1977, وانتهاء بـثورة 25 يناير 2011.
ويعود تاريخ إنشاء هذا الميدان إلي حوالي قرن ونصف القرن تقريبا منذ أن أطلق حاكم البلاد الخديو إسماعيل مشروعه الحضاري لتحديث وتطوير القاهرة عاصمة القطر.
وكانت رغبة الخديو إسماعيل في اقتفاء خطوات باريس واستنساخها لينهض بعاصمة ملكه, فأمكن المهندس الفرنسي هاوس مان تحقيق حلم الخديو ووضع التخطيط لقاهرة إسماعيل ونقل في الوقت نفسه الكثير من معالم باريس فأطلق عليها باريس الشرق. وفي طيات مشروع تطوير وتحديث القاهرة, كان تطوير منطقة غرب القاهرة الواقعة من بركة الأزبكية حتي شاطئ النيل التي أطلق عليها بعد تطويرها منطقة الإسماعيلية نسبة للخديو إسماعيل.. ويتوسط هذا التخطيط ميدان الإسماعيلية التحرير حاليا الذي طلب الخديو إسماعيل تخطيطه مشابها لميدان الإتوال في باريس من حيث شكله وأبعاده ومحاور الشوارع التي تصب فيها والميادين الداخلية التي يلتقي بها كل منها وهي ميادين سليمان باشا وشامبليون وميدان الكوبري ولكل من تلك الميادين مثيل في تخطيط مدينة باريس, هذا كما ذكر في مجلة العمارة عن تطوير هذه المنطقة, وفي عام 1974 كانت الحدائق تحتل أكثر من نصف مساحة الميدان نحو 63 هكتارا, كما تناثرت علي حواف الميدان قصور الأمراء والأعيان الذين شجعهم الخديو إسماعيل علي إعمار هذه المنطقة بإعطائهم بعض الأراضي مجانا للبنآء عليها, وبني الخديو إسماعيل لنفسه في هذه المنطقة المطلة علي ميدان الإسماعيلية سراي فخمة أطلق عليها سراي الإسماعيلية, وهي جزء من الأراضي والأملاك التي أهداها إلي زوجته الثالثة جشم أفت خنم أفندي.
كما أطلق عليه ميدان الكوبري نسبة إلي كوبري قصر النيل الذي يتصل بالميدان الذي أنشي عام 1972 في عهد الخديو إسماعيل وهو الكوبري الأشهر في مصر وهذا ليس لأنه الأقدم, إنما كأول أقدم كوبري يشيد علي نيل القاهرة إلي جانب الأسود الأربعة الرابضة علي جانبي الكوبري التي صصمها الفنان جاكمار وتمت صناعة هذه التمثايل البرونزية في إيطاليا بتكلفة بلغت 8425 جنيه وبدأ إنشاء كوبري قصر النيل في عام 1869 وقد أسندت الحكومة أعمال الإنشاء لشركة فرنسية فيف ليل وهو أول كوبري أنشأ علي النيل وتبلغ تكلفة إنشائه مليوني وسبعمائة وخمسون ألف فرنك أي 105 آلاف جنيه.
ويوجد في أركان الميدان أهم معالم القاهرة ومن أبرزها المتحف المصري.. وأراد إسماعيل أن يبني متحفا للآثار الانتيكخانة علي غرار متحف اللوفر في باريس فوضع حجر الأساس لمبني المتحف الحالي في ميدان التحرير عام 1897 وافتتحه الخديو عباس الثاني في 1902, كما يضم الميدان جامع عمر مكرم فقد شيد بنفس موقع جامع الشيخ العبيط, وفي بداية كوبري قصر النيل من ناحية ميدان لاتحرير يطل علينا قصر جميل ذو طراز معماري متميز وهو قصر الأمير كمال الدين حسين كامل سلطان مصر, الذي أصبح بعد ذلك مقرا لوزارة الخارجية المصرية حتي انتقلت لمبناها الحالي علي كورنيش النيل.
وعلي الجانب الآخر علي حرف الميدان من ناحية النيل يوجد مبني جامعة الدول العربية وانتقلت إلي هذا المقر في مارس 1960 فيما كان مقرها السابق منذ إنشاءها هو قصر البستان بشارع يوسف الجندي. وقد تهيأت لهذا الميدان فرصة ذهبية لأن تتسع رقعته وذلك بعد هدم ثكنات قصر النيل التي كانت مقر لنظارة الحربية التي كان يحتلها الجيش الإنجليزي طوال مدة الاحتلال التي بدأت في عهد توفيق فأزيلت هذه الثكنات وتحول الجزء الأكبر منها إلي متنزه عام.
ويزين وسط الميدان نصب كان قد أمر فاروق بإعداده قبل الثورة بقليل يمتطيه تمثال لجده إسماعيل, يقابله في ميدان الجمهورية عابدين سابقا تمثال لوالده فؤاد وكانت فكرة فاروق أن ينظر والده من ميدان عابدين فيري إسماعيل أيضا في ميدان الإسماعيلية, فيتناجيان ما شاءت لهم النجوي ويتسامران. ولما كان الطريق الموصل بين التمثالين ضيقا, ولكي تتاح الفرصة للتمثالين أن يري أحده الآخر في جلاء ووضح فقد اقتضت إدارة فاروق أن يوسع شارع البستان لكن أطيح بعرشه قبل أن تتحقق رغبته.
ومع بداية وصول قوات جيش الاحتلال البريطاني لقلب القاهرة حيث ميدان الإسماعيلية التحرير أصبح الميدان رمز الكفاح للشعب المصري, فكان شاهدا علي انتفاضة الطلبة عام 1935 التي جاءت كرد فعل علي تصريح وزير الخارجية البريطاني مستمر هود علي رفض العودة للعمل بدستور 1923 الذي توافقت عليه الأمة مصرحا بعدم صلاحية العمل بالدستور. وفي يوم الثالث عشر من نوفمبر كانا طلبة الجامعة وقوات البوليس في ترقب وانتظار لمؤتمر الوفد المنتظر مساء في بيت الأمة ومن الطبيعي أن يأخذ ميدان الخديو إسماعيل التحرير نصيبه من الأحداث. دوت هتافات الطلبة في جامعة فؤاد الأول ليسقط تصريح هود ثم انطلقت مظاهرة الطلبة خارج أسوار الجامعة متجهة إلي بيت الأمة فكانت تمر بكوبري قصر النيل ثم ميدان الخديو إسماعيل, استمرت مظاهرات الطلبة في نوفمبر عام 1935 حوالي أسبوعين سقط فيها شهداء وامتدت إلي كثير من الأقاليم وانتهت بنجاح الطلبة بعودة العمل بدستور البلاد وهو دستور 1923.
وكان ميدان التحرير شرف استضافة انتفاضة فبراير 1946 كأحد ميادين القاهرة الكبري وأطلقوا علي هذا اليوم يوم الجلاء فيه شهدت جامعة فؤاد الأول أكبر حشد في تاريخها حيث تجمع الآلاف من الطلبة مع العمال وعقدوا مؤتمر عام مقررين فيه عدم الدخول في مفاوضات مع الإنجليز إلا علي أساس الاعتراف بحق مصر في الجلاء ووحدة وادي النيل وضرورة التخلص من معاهدة 1936, وتدفقت المظاهرات خارج الأسوار في أكبر مظاهرة طلابية ألهبت القاهرة والأقاليم حتي وقعت مذبحة كوبري عباس في 9 فبراير واستمرت مظاهرات المصريين حتي تدفقت في 21 فبراير علي ميدان الإسماعيلية الجموع الهادرة من خمس جهات من جامعة فؤاد الأول والسيدة زينب والأزهر والعباسية وشبرا حتي ضاق بهم الميدان علي سعته إذ قدر الجمع بأكثر من مائة ألف شخص.. وفيه أطاحت وحشية الإنجليز بحلم كل حليم إذ بلغ ضحايا هذا اليوم 23 شهيدا و123 جريحا. وهزت الفاجعة أفئدة الشعب العظيم فكان هذا اليوم بداية هزيمة الاستعمار الإنجليزي إذ قرر أن ينسحب أمام الإصرار الشعبي وأن يجلو بجيوشه وأسلحته عن المدن الكبري والإسكندرية وأن تتمركز قواته في منطقة القناة.
وبدأت مصر مرحلة جديدة من الكفاح الوطني المسلح ضد قوات جيش الإنجليز الرابض في منطقة القنال التي تصدت بها قوات الاحتلال بالرصاص.
وبإلغاء مصطفي النحاس لمعاهدة 1936, فخرجت البلاد عن بكرة أبيها ليسجل التاريخ أبرز صفحة من صفحاته في 14 نوفمبر 1951 فقد سادت فيه أكبر مظاهرة عرفتها مصر التي شارك فيها مليوني مصري في ميدان الخديو إسماعيل, وقد كان رئيس الوزراء مصطفي النحاس باشا علي رأس المظاهرة وكان المصريون علي اختلاف الطوائف والطبقات نسيج هذه المظاهرة المليونية الكبري أو موكب الشهداء كما أطلقت عليها بعض الصحف وقتها.
وبدأت علامات الميدان في التغيير من أجل التخفيف من ازدحام المدينة لصالح رصيد الفترة الناصرية, فتم إعداد وتنظيم ميدان التحرير, الذي يزينه المبني الإداري الشهير المسمي المجمع أو كتل الأسمنت المسلح التي تجسد البيروقراطية المصرية والتي أقامتها الاشتراكية الناصرية واكتمل بنيانه عام 1952 كان يطلق عليه مجمع الحكومة ومع تغيير اسم ميدان الإسماعيلية إلي ميدان التحرير أصبح معروفا بمجمع التحرير.
وشهد الميدان احتفالات بنجاح ثورة 23 يوليو وأقيم فيه مهرجان التحرير الذي أقامه ثوار يوليو وفي عام 1953 غيرت وزارة الإرشاد القومي اسم الميدان من الخديو إسماعيل إلي ميدان التحرير.
وفي عام 1955 أقيمت بالحديقة المطلة علي الميدان نافورة كبيرة وساعة زهور وأطلق عليه اسم السادات علي الميدان, إلا أن اسم التحرير باق.
كما كان حاظنا للأمة عند توديع أبطالها الشهيد عبدالمنعم في شهر مارس 1969 تدفق مليون مصري نحو جنازة الشهيد عبدالمنعم رياض يتقدمها الرئيس جمال عبدالناصر, أطلق اسم الشهيد علي الميدان المعروف بأسم ميدان الشهداء ليصبح ميدان عبدالمنعم رياض ليظل تمثاله شامخا للآن.
ولم تتوقف ثورات التحرير حتي اعتصم الطلاب في ميدان التحرير في يناير 1972 رافعين شعار تحرير الأرض المحتلة وإنهاء حالة اللاسلم واللاحرب وتضامن معهم وأيدهم مفكري ومثقفي مصر, وفي 1977 أقام نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية الدكتور عبدالمنعم الفيسوني بإلقاء خطاب أمام مجلس الشعب في 17 يناير بمناسبة تقديم مشروع الميزانية عن عام 1977 حيث أعلن عن إجراءات تقشفية. وطالب بتخفيض الدعم للحاجات الأساسية بصورة 20% مما أدي إلي اندلاع مظاهرات أيام 17 و18 يناير أطلق عليها انتفاضة الخبز وكانت هنا مواجهات بين المحتجين وقوات الأمن وقد قال عنها الرئيس السادات انتفاضة الحرامية.
ظل ميدان التحرير قبلة للثوار علي مدار السنين, وشاهد علي قوي مصر الثائرة, المنشدون الاستقلال والديموقراطية والعدل الاجتماعي, حتي شهدت مصر والميدان ملحمة 25 يناير 2011 بقوي الشباب الساخط المطالب بحتمية إسقاط النظام وهكذا سيظل ميدان التحرير رمزا للمنادين بالحرية. | |
|
