صراع رجال مبارك علي حريم ماسبيرو

صراع رجال مبارك علي حريم ماسبيرو

الزمان: قبل غروب الشمس عندما ينعكس شعاعها الأصفر علي مياه نهر النيل في مشهد ساحر يتسارع العشاق لاقتناص دقائق منه علي الكورنيش.

المكان: أمام مبني الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو» بيت العشاق - عفواً- بيت النجوم تنعكس علامات الغروب علي سطح المبني العريق فتجعل منه لوحة جميلة.

الحدث: سيارة فارهة فاقع لونها تسر الناظرين تتوقف أمام ماسبيرو وبداخلها تتلألأ جوهرة يبدو علي ملامحها كل علامات النجومية بشكل تَلُوح له الأبصار.. سيدة حسناء في الثلاثينيات من عمرها تكشف عن ساقيها الجميلتين بفعل «ميكروجيب» حازق، تنزل من السيارة ينطلق نحوها بعض عمال وموظفي الأمن بمبني ماسبيرو للإعراب عن مظاهر الترحاب والحفاوة ثم تسرع مجموعة أخري لاستدعاء «الأسانسير» الخصوصي ليقل جميلة الجميلات إلي جنرال هذا المبني العتيق الذي يقف أمام مكتبه في شوق ولهفة انتظاراً للجميلة التي تعتبر الورقة الرابحة التي سيداعب بها علية القوم وكبار رجال الدولة وستكون بمثابة بوابة العبور إلي مستقبل سياسي أكبر أو علي أقل تقدير تضمن له دوام الاستمرار والبقاء في منصبه الذي يحقق منه الثراء والنفوذ.

هذا المشهد الدراماتيكي خبيث الرائحة تكرر في «ماسبيرو» منذ نشأته وتأسيسه في عهد عبدالقادر حاتم وانتهاء بأنس الفقي بل وإن هذا السيناريو قابل للتكرار حتي الآن.. لا صوت يعلو فوق صوت الصفقات المشبوهة.. صراع بين الساسة علي حريم ماسبيرو وصراع بين الحريم علي تقلد المناصب والصعود السريع إلي حد أن تحولت بعض هذه الصراعات إلي فضائح.

أشهر هذه الصراعات لخطب ود الكبار كان بين الإذاعية انتصار شلبي وإيناس جوهر وظل هذا الصراع وملاحقة كلتيهما للأخري علي المناصب حديث ماسبيرو.. والغريب أن قصص التصعيد والصراعات كلها كانت تبدأ من الإذاعة وليس التليفزيون مثلما يعتقد البعض وفي كل مرة كانت تنتصر إحدي المذيعات يتأكد جميع من يعمل بالمبني أن الباب العالي قد تدخل لحسم المعركة للجانب المنتصر فهناك فريق يتم دعمه من قبل الحرس القديم «مبارك ورجاله» وهناك فريق آخر يستند في قوته علي رجال الوريث «جمال مبارك» وبعض أباطرة الحزب الوطني المنحل وكانت تكفي مجرد اشارة من المبني المجاور لماسبيرو لتصعد بأناس وتضع آخرين.. وعندما جاء أنس الفقي إلي المبني أدرك جيداً قواعد اللعبة وكان ينادي علي إيناس جوهر بـ«طنط» وتتوالي القصص في هذا الإطار.

القصة الأولي بطلتها أو ضحيتها -إن صح التعبير- هي المذيعة اللامعة والقديرة صفاء حجازي التي جاءت من محافظة الدقهلية حيث تنتمي إلي عائلة عريقة هناك وتدربت بالإذاعة ورغم تفوقها علي أقرانها إلا أنها لم تعين كمذيعة وتم تعيينها «مقدمة برامج» بل ولم تمنح أي فرص كافية للظهور أو التعبير عن موهبتها فكانت تقدم برنامجاً صغيراً في الإذاعة بشكل أسبوعي.. ورغم أن صفاء تعرضت لظلم كبير في بداية مشوارها إلا أن جمالها وشخصيتها عوضا لها ما لم تحققه موهبتها عندما شاهدها الذراع اليمني للمخلوع وهو الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق ورغم أن الرجل كان متزوجاًولا ينجب وتأكد من خلال الأطباء أنه «عقيم» إلا أنه كان مُصراً علي الاقتران بصفاء حجازي ونظراً لحساسية منصبه اضطر لإتمام زواجه من صفاء سراً بعيداً عن أعين الناس.

بدأت صفاء تعرف طريقها للنجومية الإعلامية وقامت بتقديم برنامج «بيت العرب» وقيل بعدها إنها كانت دائمة السفر في رحلات مبارك الخارجية وظهر للقطة الوديعة أنياب ومخالب تدافع بها عن موهبتها إلا أن أجنحة الصراع في «ماسبيرو» لم تكتف بمقاعد المتفرجين وقرروا سحب البساط من تحت أقدام صفاء رغم أنها تستند علي الرجل الثاني في مصر.

وبدأ مخطط الاطاحة بصفاء بتطيير خبر زواجها السري من عزمي إلي زوجته الأولي التي سارعت بإبلاغ سوزان مبارك شاكية لها من زكريا ولم تكذب سوزان خبراً وطلبت من مبارك سرعة التدخل لدي رئيس ديوانه لإنهاء هذه القصة السخيفة -علي حد تعبيرها- وبالفعل تم الانفصال سراً مثلما تم عقد القران سراً بل وأذيع بعدها أن صفاء تمت خطبتها لمدير محطة مصر للطيران بباريس وتم نشر الخبر في الصفحات الأولي للصحف بأوامر عليا.

ورغم أن صفاء وضعت في قائمة المغضوب عليهم بعد هذه الأحداث فإن تاريخ ماسبيرو يؤكد أن هناك آخريات ضمن قائمة المحظوظات علي رأسهن آمال بيومي التي كانت تعمل سكرتيرة ثم حصلت علي مؤهل من معهد الكفاية الإنتاجية وأصبحت مذيعة بل تعمل علي درجة مخرج في التليفزيون ووصل أجرها إلي 200 ألف جنيه في عهد أنس الفقي.

أيضاً من المحظوظات في تاريخ التليفزيون واستطاعت أن تصعد بعلاقاتها المتشعبة المذيعة اللامعة نجوي إبراهيم التي لم تحصل سوي علي الثانوية العامة إلا أن جمالها وعلاقاتها حجزا لها مكاناً علي الشاشة لسنوات طويلة سواء في التليفزيون كمذيعة أو حتي في السينما ولم يكن الساسة فقط أصحاب الكلمة العليا في ذلك بل كان لرجال الأعمال مفعول السحر بأموالهم حيث تردد وقتها أن حسام أبوالفتوح صاحب توكيل BMW كان يدعم نجوي بكل ما أوتي من قوة وترددت حول علاقتهما العديد من الشائعات.

صفوت الشريف كان بمثابة الأب الروحي لحسناوات ماسبيرو بما يمتلكه من عين خبيرة في عالم النساء وتاريخ عريق في عالم القوادة وكان «الشريف» بمثابة رئيس دولة حريم ماسبيرو وكان يقوم بهذا الدور سراً وعلانية ومن أطرف المواقف العلانية بل والتي تم تسجيلها علي الهواء مباشرة وتم حذف هذا المقطع في اعادة النشرات كلها عندما كان الرئيس المخلوع يفتتح أحد القطاعات بالتليفزيون ووجهت له المذيعة اللامعة صفاء قطب سؤالاً فنظر مبارك إلي صفوت الشريف وقال له: «أما أنت عندك ناس حلوة يا صفوت بتطلعلي شلت ليه علي الشاشة».. فتم تصعيد صفاء والتي قدمت برنامج «بعد الواحدة» ولم تكن تظهر في التليفزيون إلا قليلاً حيث بدأت حياتها الإذاعية في إذاعة الشعب في برامج الأطفال والمنوعات وظلت مدفونة فيها لمدة 6 سنوات ثم تم تصعيدها لتعمل في الإذاعة والتليفزيون معاً لمدة عامين متتاليين.

لم تتوقف قصص نساء ماسبيرو مع مبارك ورجاله عند هذا الحد بل طالت الكثيرات ولعل أبرز الأسماء في السنوات الأخيرة هي المذيعة اللامعة هناء السمري التي بدأت عملها كمراسلة للتليفزيون وسرعان ما صعد نجمها ونالت ثقة الجميع مما أهلها لأن تكون مندوبة التليفزيون المصري في رئاسة الجمهورية.

اتسم أداء هناء بالمهنية في التغطية ونقل بنص الأحداث والكواليس داخل أروقة الرئاسة وسريعاً أصبحت هناء من المقربات للرئيس السابق الذي توسم فيها المذيعة اللامعة ذات الوجه البشوش الذي يلقي قبولاً لدي الناس إلي جانب أن ردود أفعال هناء كانت غاية في الذكاء تجاه تعليقات مبارك ومداعباته.. وشيئاً فشيئاً وجدت المذيعة الشابة نفسها ذات نفوذ وقبول لدي جميع العاملين بقصر العروبة وتسارع الجميع لخدمة الفتاة المدللة لسيادة الرئيس حتي زكريا عزمي كان دائم الدفاع عنها وكثيراً ما كان يوصي بتسهيل مهمتها علي وجه الخصوص خاصة في سفريات الرئيس مبارك.

وعندما سأل أحد الخبثاء من الإعلاميين داخل قصر الرئاسة عن أسباب صعود هناء السمري السريع وقربها من مبارك علم زكريا عزمي من أحد جواسيسه فنهر ذلك الشخص وقال له إن الرئيس مبارك يعتبر هناء ابنته التي لم ينجبها وكلكم أولادنا وبعد أيام قليلة تمت مخاطبة الجهة التي يعمل بها ذلك الإعلامي وتم استبعاده واستبداله بزميل غيره.

ولكن يبدو أن هذه القصة والتلميحات الخبيثة كانت بمثابة بوابة جهنم علي هناء وبدأت سوزان مبارك تدرك خطورة الفتاة الحسناء علي الرجل العجوز المبهور بشخصيتها وسرعان ما أفل نجم هناء السمري وتم طردها من قصر العروبة بفرمان الهانم وأشيع بعدها أن هناء ارتبطت بأحد حرس القصر أو ضابط شرطة كان يعمل هناك.

ولم تتوقف سيناريوهات الانتقام من هناء حتي بعد مغادرتها قصر العروبة حتي قررت هجرة التليفزيون المصري والتحقت بقناة «المحور» أشاع رجال سوزان عنها أن حسن راتب استعان بها بغرض الاستفادة من علاقاتها التي حققتها خلال فترتها بقصر الرئاسة لجلب إعلانات للقناة وظلت الحروب تحاصر هناء حتي اشتعال أزمة برنامج سيد علي وحكاية هناء مع هبة وشوبير ومرتضي منصور.. ولايزال ماسبيرو عامراً بجثث صعد عليها الكثيرون من المتربحين وهواة البلوتيكا الذين اتخذوا من هذا المبني العريق ملهي ليلياً كما أنه مازال عامراً بديناصورات تتراقص وتخرج لسانها للثورة وتجلس علي مقاعد المتفرجين في انتظار جلوس نظام جديد يقومون بتوصيل الخدمات له في القصور.

» أحداث ماسبيرو أسوأ أعمال تشهدها مصر منذ تنحى مبارك
» مفاجأه مذهله.."رجال أعمال عرب" يرصدون "500 مليون دولار" لتسوية "تنازلات" أسر الشهداء "لإنقاذ" مبارك
» د.محمود عبدالفضيل تكشف أن معظم كبار رجال الأعمال فى عصر مبارك كانوا من المحتكرين والمحاسيب أيضا!
» نيوزويك: نفوذ سوزان مبارك كان مثل قنبلة انشطارية.. و"مبارك كان فرعون وهمي"
» أسماء عدد من المتوفين فى أحداث ماسبيرو