ضياءأبونحول مـشـرف
عدد المساهمات : 1613 تاريخ التسجيل : 24/04/2011 الموقع : (إن مرت الأيام ولم تروني, فهذه مشاركاتي فتذكروني وإن غبت ولم تجدوني, اكون وقتها بحاجه للدعاء فادعولى.)
| موضوع: إياكم تسألوني في الحب عن سبب... الثلاثاء مايو 31, 2011 3:15 pm | |
| إياكم تسألوني في الحب عن سبب... لا يستطيع إنسان عاقل ولا يملك أن يزايد على حب الناس لأوطانهم... كما ليس من حقه أن ينكر عليهم التعبير عن هذا الحب بكل وسائل التعبير، كل حسب فهمه وتقديره لحجم هذا الوطن في داخله... وأيضاً لا يجوز بأي حال من الأحوال تسفيه مشاعر الناس تجاه أوطانهم أو احتقارها أو حتى التقليل منها. وإذا كان ليس من حق أحد المزايدة على حب الوطن... فكذلك ليس من حقه أن يسأل عن أسباب هذا الحب أو دوافعه... فإن كان لحب الأشياء أسباب ودوافع وغايات... فهذا أمر طبيعي لأنه حب مكتسب في حياة الإنسان وتتوقف قوة هذا الحب وطبيعته على مدى تأثيره في حياة المحب... أما حب الوطن فهو حب يصعب تحديد أسبابه... لأنه يرتبط بالوجدان منذ الصغر... ويكبر الإنسان ويكبر معه حبه لوطنه... تغرب عنه أو فارقه لأيام أو أشهر أو حتى سنوات ازداد شوقاً وحنيناً اليه دون أن يسأل نفسه عن سبب هذا الحنين الجارف... فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم خير خلق الله أجمعين يضرب أروع المثل في حبه لوطنه ومرتع صباه ونشأته «مكة المكرمة» عندما خرج منها مهاجراً إلى يثرب، فقد وقف على مشارفها قائلاً: «والله إنكِ لأحب البلاد إليَّ ولولا أن أهلكِ أخرجوني منك ما خرجت»، وكلنا يعلم أنه لم يتعرض إنسان لظلم وقهر ومعاناة من أهله وبلده كما تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم... ورغم ذلك ضرب أروع المثل في حب الوطن والتعلق به. وعندما قال القائل: بلادي وإن جارت عليَّ عزيزة وأهلي وإن ضنّوا عليَّ كرام قاطعاً بما لا يدع مجالاً للشك حبه لوطنه واعتزازه به ليس له سبب. هذه كلمات قفزت إلى خاطري من وحي الأحداث التي تعيشها أرض الكنانة في هذه الأيام، والتي تعد أحداثاً مفصلية وفارقة في تاريخ مصر الحديث... فسيؤرخ فيما بعد بها، وعند الحديث عن الشأن المصري سيكون التعبير عنه «بما قبل 2011/1/25» أو «بما بعد أحداث 2011/1/25». فالمجتمع المصري يولد ميلادا جديدا من رحم المعاناة... وهذه حقيقة لا مراء فيها، فمصر الدولة والتاريخ والحضارة والمكانة يستحق شعبها أن يحيا حياة أفضل من ذي قبل... حياة غير منقوصة... يمتلك فيها إرادته وحقوقه... لكن عليه أيضاً أن يبذل جهده في تقديم ما عليه من واجبات... وأن يحفظ لبلده عزته وكرامته... وأن يبتعد عن كل ما يمزق وحدته ويوهن عزيمته... حتى يظل دائماً تاج العلاء في مفرق الشرق... ما أحوجنا في هذا الظرف التاريخي أن نوقظ مشاعرنا تجاه مصرنا الحبيبة، وأن نتخذ منها درعاً وسيفاً لمواجهة كل أفاق متسلق يتخذ من انتفاضة شعبها مطية للوصول إلى مآربه المفضوحة التي لن تنطلي على أحد بعد اليوم... ومواجهة أبطال القفز على الأحداث لحجز مساحة في الصورة حتى يصنع لنفسه تاريخاً مزيفاً يباهي به أنصاره من الحمقى والمنتقصين ومواجهة كل يد آثمة فكرت أو دبرت أو سعت للنيل من مصر وشعبها... ومواجهة القوى الطامعة في تركيع مصر واخضاعها وسحب بساط الريادة والقيادة من تحت أقدامها لانها تقف حجر عثرة في سبيل تحقيق مآربهم الدنيئة وفرض السيطرة على مقدرات المنطقة... لقد حاول أسلاف هؤلاء جميعا لكنهم فشلوا ولم يفلحوا ولن يفلحوا مهما فعلوا ومهما دبروا من مكائد ردت إلى نحورهم. وأخيراً على المصريين أن يوقظوا مشاعرهم لمواجهة حالة الجدل العقيم التي تفشت فيما بينهم بسبب الأحداث بين مؤيد ومعارض... فالجدل لا يورث إلا العداوة والبغضاء وهذا يؤدي بالطبع إلى إضعاف القوة وافساح المجال للمتربصين لتحقيق قفزات في سبيل تحقيق مخططهم. إن الكلام عن حب الوطن لا ينتهي لأنه مشاعر تترجم... والمشاعر ليس لها حدود... وإن كنا في حاجة لما يلهب المشاعر ويؤججها فلا أظن أن أحداً استطاع أن يعبر عن حبه لمصر كما عبر شاعر النيل حافظ إبراهيم بقصيدة من أروع ما حوته دواوين الشعر العربي والتي قال فيها: كم ذا يكابد عاشق ويلاقي في حب مصر كثيرة العشاق إني لأحمل في هواك صبابة يا مصر قد خرجت عن الأطواق لهفي عليك متى أراك طليقة يحمي كريم حماك شعب راقي كلف بمحمود الخلال متيم بالبذل بين يديك والإنفاق إني لتطربني الخلال كريمة طرب الغريب بأوبة وتلاقي وتهزني ذكرى المروءة والندى بين الشمائل هزة المشتاق وهذا شاعر الشباب أحمد رامي يضع دستوراً في حب مصر من خلال قصيدة بالغة الروعة مليئة بالمشاعر الجياشة فيقول: مصر التي في خاطري وفي فمي أحبها من كل روحي ودمي ياليت كل مؤمن بعزها يحبها حبي لها بني الحمى والوطن من منكم يحبها مثلي أنا نحبها من روحنا ونفتديها بالعزيز الأكرم من عمرنا وجهدنا عيشوا كراماً تحت ظل العلم تحيا لنا عزيزة في الأمم ثم يوجه دعوة إلى كل مصري لحماية مصر والدفاع عنها فيقول: صونوا حماها وانصروا من يحتمي ودافعوا عنها تعش وتسلم يا مصر يا مهد الرخاء يا منزل الروح الأمين أنا على عهد الوفاء في نصرة الحق المبين هذه دعوة إلى بني جلدتي أن نستلهم جميعاً هذه المشاعر في حب مصر لحمايتها وانقاذها من مصير لا يعلمه إلا الله... وإن لم نفعل فلا نلوم إلا أنفسنا وساعتها لن ينفع الندم... أحبوا مصر حباً مجرداً خالصاً لأجلها... دونما السؤال عن أسباب أو دوافع لهذا الحب. اللهم ألطف بمصر وشعبها... وسلمها مما يحاك لها... إنك ولي ذلك والقادر عليه....
نشر فى جريدة الراي الكو يتية
بقلم/عبدالله متولي
| |
|