ضياءأبونحول مـشـرف
عدد المساهمات : 1613 تاريخ التسجيل : 24/04/2011 الموقع : (إن مرت الأيام ولم تروني, فهذه مشاركاتي فتذكروني وإن غبت ولم تجدوني, اكون وقتها بحاجه للدعاء فادعولى.)
| موضوع: مأزق التحوّل الديموقراطي في مصر السبت مارس 03, 2012 5:43 pm | |
| ان قراءة سريعة للمشهد السياسي في مصر ومتابعة للغضب المختلط بالعنف والدماء في ميادين مصر وملاعبها الرياضية تنبئ بأنه لم ينجح احد في ادارة المرحلة الانتقالية، فالاحزاب القديمة والجديدة والمجلس العسكري والبرلمان الذي اطلق على نفسه برلمان الثورة وحتى قوى شباب الثورة تبدو فاشلة بكل المعايير، فالمجلس العسكري بطيء او يتباطأ في اتخاذ القرارات مما يثير الكثير من علامات الاستفهام التي تظل معلقة من دون اجابات شافية، وبقية القوى السياسية لاتفعل شيئاً سوى الاعتراض ولا تتخذ اي خطوة للامام، واذا كانت الثورة معناها التغيير فقد فشلت تلك القوى في احداث تغيير حقيقي سواء في السلوك العام او في الاداء على الصعد كافة، واذا كانت الثورة قد اسقطت رؤوس النظام فان ذيوله مازالت قادرة على الحركة والتأثير رغم انوف تلك القوى الوطنية مجتمعة او منفصلة، ومما زاد الامر تعقيداً ارتكاب القوى والمؤسسات القائمة العديد من الاخطاء المتوالية التي وضعت العربة امام الحصان والنتيجة شلل في ادارة الدولة وتعطيل لعملية التحول الديموقراطي بل يرى البعض انها قد تؤدي الى اجهاض الثورة ذاتها. وكما يحدث عادة في الثورات فقد قام الشعب في مصر بطليعة شبابية بثورته وتسلمتها قوى اخرى طامعة في السلطة او كارهة لها وترغب في احباطها، وفي افضل الاحوال قوى اصلاحية راغبة في التغيير البطيء وهو ما يتعارض مع طبيعة الثورة، وفي خضم الصراعات بينهم ضاعت الرؤية واصبح رجل الشارع لا يعرف ولا يفهم ما يجري، ان ارتكاب اخطاء وتجاوزات امر مفهوم في ظروف كتلك التي تمر بها مصر منذ الخامس والعشرين من يناير من العام الماضي، ولكن غير المفهوم هو الاصرار الشديد على تنفيذ سيناريو مسلسل اسقاط وتفكيك الدولة في مصر، ومن الاغرب ان تساهم قوى وطنية وثورية عن قصد او نتيجة رؤية ضبابية في هذا المسلسل، واذا كانت اهداف الثورة المضادة والقائمون عليها ومصالحها وتحركاتها معروفة ومفهومة لدى الجميع الا ان موقفي الثوار من الشباب والتيار الاسلام من بناء الدولة الحديثة تحديداً يثير الكثير من التعجب ويطرح الكثير من علامات الاستفهام ويتطلب وقفة موضوعية فكلاهما من قوى الثورة الفاعلة والطليعية ومع ذلك فان مواقفهما تكاد تتناقض مع اهداف الثورة واهمها انجاز تحول ديموقراطي حقيقي. اما بالنسبة للثوار فلم يستطيعوا تقديم قيادة لها تستطيع التعامل مع المتغيرات على الارض وتحقيق اهداف الثورة ومازال الجدل حول خارطة الطريق والسرعة المطلوبة للتغيير قائماً بينهم بل ادى الى استفزاز مؤسسات الدولة المختلفة وجعل الشعب الذي ايدهم يفقد الصبر عليهم ان لم تكن الثقة فيهم ولعل رفض الشارع المصري لدعوى العصيان المدني مهما كانت الاهداف المراد تحقيقها من ورائه يعطي مؤشراً قوياً على ذلك ويرسل رسالة واضحة لهم، لقد شغل الثوار انفسهم بحركة المجلس العسكري وقراراته واصبحوا لايرون مايجري حولهم فلم ينجحوا في تشكيل تجمع يتحدث باسمهم وله من الرؤية السياسية والحنكة لقيادة حركتهم، فما ان تنحى الرئيس السابق حتى تبعثرت جموعهم في ائتلافات وجماعات وصلت الى ما يقرب من ثمانين معظمها مخترق من قوى خارجية وداخلية مشبوهة تحركها لتحقيق اهداف هي بالقطع بعيدة عن المسار الذي بدأت به الثورة. ومن ناحية اخرى، فان التيار الاسلامي وعلى رأسه جماعة الاخوان المسلمين قد نجح في الحصول على اصوات الغالبية في الانتخابات البرلمانية وانتقل بهذا من مقاعد المعارضة وحالة الاقصاء التي عاشها لثمانية عقود الى مقاعد الحكم، الا ان وصوله الى البرلمان يبدو وكأنه غير كاف، رغم ان ابجديات العلوم السياسية تقول ان السلطة التشريعية هي اقوى السلطات الثلاث التي يضمها اي نظام سياسي، فقد استولت شهوة الحكم عليه واصبح يطالب بالمزيد وبالسيطرة على السلطة التنفيذية ايضاً وببساطة اعادة انتاج نظام الحزب الوطني المنحل حيث كان يسيطر على السلطات كافة، واعادة نظام ديكتاتورية الحزب الواحد، وقد ينتهي الامر بأن الاخوان المسلمين في السلطة التشريعية يراقبون الاخوان المسلمين في السلطة التنفيذية وربما في مؤسسة الرئاسة ايضاً، واذا اضفنا الى ذلك ان اداء التيار الاسلامي في البرلمان وعدم قدرته على اعادة الامور الى طبيعتها واجتياز الازمات الحالية امر يثير تساؤلات كثيرة بين الشباب والشعب خصوصاً وقد تحول البرلمان الى منابر خطابية واداء واضح انه يفتقر الى خبرة سياسية تستطيع ان تدفع بهذا البلد الى الامام، واذا استمر اعضاء البرلمان في القاء المزيد من الخطب الوعظية والحماسية والبكاء والظهور الاعلامي والتي مهما كان التأثير العاطفي لهذه الادوات على ناخبيهم فإنهم ان آجلاً او عاجلاً سائرون الى اسقاط السلطة الوحيدة المنتخبة حالياً وهي البرلمان ويضيعون هيبتها ويفتحون المجال للبعض لينادى باعادة شرعية الميدان الثورية ومن ثم الرجوع الى نقطة الصفر. واخيراً فاذا كان الثوار قد نجحوا في اسقاط هيبة جهاز الشرطة ويسعون حالياً لاسقاط هيبة المؤسسة العسكرية، واذا كان التيار الاسلامي يعتقد ان الهدف الاسمى هو الوصول للحكم بأي ثمن والذي هو وسيلة وليس غاية دون مراعاة للظرف الحالي في مصر، فليس لنا ان نلوم القائمين على الثورة المضادة ومحاولتهم اسقاط الدولة وتفكيكها وتحويلها الى صومال اخرى، وعلى الثوار والتيار الاسلامي اذا كانوا راغبين حقيقة في التحول الديموقراطي ان يقوما باثبات ذلك بالافعال لا الاقوال فقد تعبنا من الكلام والخطب والظهور التلفزيوني.
د. محمد محيي الدين حسنين
| |
|