سارقو الفرحة أفسدوا سعادة المصريين بالانتخابات

على طريقة يوم الحشر وكأنه فيلم سينمائي، خرج ملايين المصريين صباح الإثنين والثلاثاء للإدلاء بأصواتهم منذ ساعات الصباح الأولى، لم يبالوا بالأمطار الغزيرة التى هطلت على مصر مساء الأحد وحولت الشوارع إلى برك من المياه، اختلطت بالأوساخ لتكون مستنقعات كبيرة فى مناطق عديدة من الجمهورية، ولكن العرس الانتخابى الذى طالما انتظره المصريون ليعبروا من خلاله عن رأيهم ويختاروا أعضاء مجلس الشعب الجديد بعد ثورة يناير، شهد للأسف منغصات عديدة فلم تكتمل الفرحة من هواة «سارقى الفرحة».

سارقو الفرحة لم يظهروا فجأة، ولكن كان لهم وجود فى يوم سابق هو يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية، حيث فضل البعض أن يجعل من الاستفتاء موقعة دينية، وتحول الأمر من استفتاء على تعديل بعض نصوص الدستور إلى استفتاء على الدين سواء الإسلام أم المسيحية، فاختلط الحابل بالنابل، وتحولت منابر المساجد إلى منابر سياسية لحث المسلمين على التصويت بنعم لإنقاذ شرع الله، ومن هنا بزع نجم سارقو الفرحة فى إجهاض سعادة المصريين بمشاركتهم فى تحديد مستقبل البلاد. نفس سارقى الفرحة عادوا فى الانتخابات البرلمانية، ولكن هذه المرة ظهروا فى أوجه عديدة، ليجهضوا فرحة المصريين، ولك أن تتخيل مشاعر مواطن استيقظ مع أذان الفجر وأدى الصلاة، وخرج من فوره للوقوف فى طوابير الانتخابات أمام الدوائر الانتخابية لساعات طويلة، وكله أمل أن ينجح فى التصويت ليكون له تأثير ويشعر بأنه أصبح إنساناً له كرامة وتقدير، وبعد ساعات من الانتظار أصابه الاحباط بسبب عدم وصول القضاة المشرفين على الانتخابات وفى لجان أخرى لم تصل أوراق التصويت؟؟ فى مهزلة تجب محاسبة المسئول عنها وتغليظ العقوبة عليه لإهماله وعدم مبالاته مما ينعكس سلبا على مشاعر المواطنين واشتراكهم فى الحياة السياسية، وهو ما كنا نصبو إليه جميعا بعد عقود من التزوير جعلت المواطن يحجم عن الانتخابات ويؤثر السلبية. »الأهرام العربي« رصدت عدة حالات لتأخر بدء التصويت بسبب عدم وصول أوراق التصويت، ولكن الأدهى والأمر هو عدم فتح لجان انتخابية بسبب عدم وصول القضاة كما روى لنا علاء حبشى الموظف بإحدى الشركات الخاصة قائلا: إنه بعد ساعات من الانتظار فى طوابير تعدت كيلو مترات، ليجدوا موظفا يخرج عليهم قائلا «فوتوا علينا بكره عشان القضاة مجوش النهارده»، بالذمة هل يعقل ذلك؟ هذا الأمر حدث فى لجنة بحلوان، بينما تأخر التصويت فى عدة لجان بها بسبب عدم وصول أوراق التصويت وهو ما تكرر فى لجان عديدة بالقاهرة، ناهيك عن المحافظات التى شهدت تأخر وصول كل من القضاة وأوراق التصويت وتم توجيه اللوم وراء ذلك للأمطار التى أفسدت الطرق!! المواطن المصرى بعد الثورة يجب أن يشعر أن الدولة تحترمه وتحافظ على كرامته، ولهذا فإن أى تجاوز فى حقه لابد من أن يكون مرتكبه يتلقى جزاء صارما، فبعض المواطنين ومنهم علاء حبشى الموظف بإحدى الشركات الخاصة قال: إن شركته أعطت لهم اليوم الأول من الانتخابات (الاثنين) عطلة ليتمكنوا من التصويت، وفى ظل عدم فتح اللجان بسبب عدم حضور القضاة فإنه لا مناص أمامه سوى أن يتوجه للتصويت فى اليوم الثانى (الثلاثاء)، العرس الانتخابى أفسده أيضا بعض المرشحين بإصرارهم على الاستمرار فى حملاتهم الدعائية أثناء الانتخابات، رغم أن ضوابط العملية الانتخابية تحظر ذلك، فخلال وقوفى فى طابور الانتخاب مر علينا العديد من أنصار المرشحين الذين يستمرون فى توزيع الأوراق الدعائية سواء للحرية والعدالة أو لغيرها من الأحزاب بل والمستقلين والمرشحين على مقاعد الفردي، وكنت فى كل مرة أرفض تلقى أوراقهم الدعائية وأخبرهم أن ما يفعلونه مخالف للقانون ولكن هيهات لمن تنادي، أحدهم شاب فى العشرينيات من عمره رد على أنه يعرف أن ما يفعله خطأ ولكنه أصيب بالحرج ممن كلفه بالمهمة ولم يستطع أن يرفض!! أما أسوأ ما كان فى الانتخابات من وجهة نظر البعض هو توزيع المواطنين على اللجان الانتخابية، ولعل أبرز دليل على ذلك ما تعرضت له أنا وزوجتى وبعض أسرتى وكذلك جيرانى وبعض الأصدقاء، فرغم سكنى فى المقطم إلا أن لجنتى كانت فى السيدة عائشة، ولجنة زوجتى (عنوانها نفس عنواني) فى منطقة الإمام التونسي، وهو نفس الأمر الذى تكرر مع والدى ووالدتى وأخى فكل منهم فى لجنة مختلفة تماما، ولا أدرى سبب ذلك. الأدهى أن لجنة زوجتى كانت فى مدرسة عمر بن الخطاب الابتدائية فى الإمام التونسي، وهو أمر يجب أن يحاسب عليه كثيرون، فالمدرسة مقامة وسط المقابر، نعم وسط المقابر، ولا أدرى ما الحكمة فى ذلك ومن سمح بإقامة مدرسة وسط المقابر، ومن الذى وافق على أن تكون تلك المدرسة مقرا ولجنة انتخابية لسيدات، خصوصاً أن التصويت يبدأ من ساعات الصباح الأولى وينتهى السابعة مساء أى بعد الظلام، فكيف يمكن لسيدة أن تذهب للجنة وسط المقابر وفى ظلمات الليل للإدلاء بصوتها؟ الغريب أن اللجان كان بها تفاوت ملحوظ، فهناك لجان شهدت كثافة وإقبالا كبيرا على التصويت، بينما كانت هناك لجان أخرى لا تجد من يذهب للتصويت بها إلا العشرات فى موقف يحتاج إلى إعادة نظر فى توزيع الناخبين على اللجان الانتخابية فى الجولات القادمة من الانتخابات.

المصدر /الأهرام العربى

» طباخ مبارك: سعادة الرئيس صعبان عليا
» بدء تصويت المصريين في الخارج في الانتخابات البرلمانية
» جولة المشير فى الشارع كانت رسالة الى كل المصريين‏
» من هو يوسف بطرس غالي ؟>>>شافط جيوب المصريين
» نورالمالكى: العراق سلم أموال المصريين إلى حكومتهم منذ شهرين